بحلول سنة 2025، تحل الذكرى الخمسون لمسيرة الخضراء المظفرة، وهو الحدث التاريخي البارز الذي لعب دورا حاسما في استكمال بلادنا لوحدتها الترابية. وقد تميز مسار الأقاليم الجنوبية بترسيخ ديناميات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وذلك في ظل الاستقرار الذي تنعم به هذه الجهات، وكذا بفضل المقاربة الاستباقية والرؤية الاستراتيجية المتبصرة التي تنهجها المملكة المغربية في تدبير شؤون هذه الأقاليم.
وتتزامن هذه الذكرى كذلك مع مرور عقد كامل على إطلاق النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية الذي أعطى انطلاقته صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، بمناسبة الزيارة الملكية الميمونة التي قام بها جلالته لمدينة العيون في نونبر 2015.
في هذا السياق كذلك، وضع النموذج التنموي الجديد، الذي تم تقديمه في سنة 2021، مسألة تقليص الفوارق المجالية وتعزيز التنمية الجهوية في صلب أولوياته. ومن هذا المنطلق، تبرز أهمية تحليل وضع الديناميات الديموغرافية في الجهات الجنوبية للمملكة من أجل توجيه السياسات العمومية بهذه الجهات بفعالية شاملة.
وانسجاما مع التزامات بلادنا على الصعيد الدولي، وخاصة ما يتعلق بتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تم اعتمادها سنة 2015، فإن مواكبة التحولات الديموغرافية تعتبر ركيزة أساسية في أي سياسة تنموية شاملة. ذلك أن الفهم الدقيق لهذه التحولات يُعد عاملاً محورياً في تعزيز التماسك الاجتماعي وتحقيق توزيع منصف للموارد.
ومن شأن هذه الدراسة أن تمكّن، على مستوى الأقاليم الجنوبية التي تتميز بخصوصيات خاصة، من تكييف السياسات العمومية مع الخصوصيات الترابية بهدف توجيه الموارد ودعم مسار التنمية المجالية المستدامة. وفي هذا الصدد، تُمكّن الديناميات الديموغرافية، بشكل مباشر، من توفير الأسس العلمية للتخطيط التنموي الجهوي، لاسيما عبر المخطط الجهوي للتنمية، الذي يشكل الإطار المرجعي لإنجاز البرامج الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كما يُسهم إدماج المعطيات الديموغرافية في هذه البرامج في تعزيز ملاءمة الاستراتيجيات التنموية مع الواقع المحلي ومن ضمن حكامة مجالية أكثر فعالية.
تروم هذه المذكرة تقديم صورة شاملة وراهِنة عن الوضعية الديموغرافية في الجهات الجنوبية الثلاث للمملكة، بناءً على نتائج الإحصاء العام السابع للسكان والسكنى الذي أجرته بلادنا خلال الفترة الممتدة من فاتح إلى 30 شتنبر 2024.

Accueil